Topسياسة

السفير السوري د. عماد مصطفى: يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ التدابير اللازمة للحد من طموحات أذربيجان وتركيا تجاه أرمينيا

يعتقد مدير المعهد الدبلوماسي السوري والسفير السوري السابق لدى الولايات المتحدة والصين د. عماد مصطفى أنه يجب على المجتمع الدولي استخدام جميع التدابير الممكنة لتقييد والحد من الطموحات التوسعية لأذربيجان وتركيا تجاه الشعب الأرمني. وأشار الدبلوماسي إلى أنه مقتنع أيضاً بأنه لولا تدخل تركيا ومساعدتها العسكرية، لم تكن مأساة ناغورنو كاراباخ لتحدث.

أجرت وكالة الأنباء “أرمنبريس” حواراً مع د.عماد مصطفى حول الغرض الرئيسي من الزيارة إلى أرمينيا والقضايا الإقليمية والأمنية ودور الجالية الأرمنية في سوريا ومواضيع أخرى.

– السيد السفير، بداية أود أن أطلب منكم توضيح الغرض من زيارتكم لأرمينيا، ما هي الاتفاقات التي توصلتم إليها؟

– الغرض من الزيارة على المستوى المهني هو كما يلي: أنا مدير المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية السورية، ولدى وزارة الخارجية الأرمينية مدرسة دبلوماسية ممتازة، ورغبنا في إقامة تعاون، وبناء علاقات قوية حقيقية بين المعهدين. لقد أردنا التوقيع على مذكرة تفاهم. كبداية، قامت المدرسة الدبلوماسية في أرمينيا بدعوة 12 دبلوماسياً سورياً إلى أرمينيا للمشاركة في دورة دبلوماسية مدتها أسبوعين. ونأمل أيضاً أن ندعو بشكل متبادل العديد من الدبلوماسيين الأرمن لزيارة معهدنا والمشاركة في ورش العمل والدورات. لذلك، على المستوى المهني، هذا هو هدف زيارتي إلى أرمينيا. ولكن هناك أيضاً مصلحة شخصية في أرمينيا. كما تعلمون، يعتبر كل سوري أرمينيا عزيزة على قلبه، وذلك بفضل المساهمة الفريدة للسوريين الأرمن في سوريا. لقد تفوقوا في كل ما فعلوه. لقد كان كل أرمني في سوريا سفيراً ممتازاً لأرمينيا. لذا فإن أرمينيا تحظى بتقدير كبير في سوريا. وكمواطن سوري، كنت أحلم دائماً بزيارة أرمينيا لرؤية هذا البلد الجميل الذي أرسل لنا أناساً جميلين وأذكياء ومجتهدين وصادقين.

– كدبلوماسي، كيف تقيّمون المستوى الحالي للعلاقات الأرمنية السورية؟

– من ناحية العلاقات ممتازة. كما ينعكس دفء وعمق العلاقات بين الشعبين في العلاقات بين حكومتي البلدين. وهكذا تقيم الحكومتان اتصالات وتتعاونان وتتشاوران. لدينا في الغالب موقف موحد بشأن نفس القضايا. ومن ناحية أخرى، أنا لا أكتفي بهذا المستوى فقط. أريد أن أرى العلاقات بين البلدين أفضل وأقوى بكثير، لأنني وصفت لكم عمق العلاقات بين شعب سوريا وشعب أرمينيا.

– برأيكم ما هي المصالح المشتركة بين أرمينيا وسوريا وفي أي المجالات ترون آفاق التعاون؟

– يجب أن نتذكر أنه كان لدينا تاريخ مشترك خلال تاريخ الشعب الأرمني وتاريخ سوريا. لقد كانت لدينا دائماً علاقات وارتباطات. ربما تعلمون أنه في مرحلة ما من تاريخنا، كان تيغران العظيم أيضاً ملكاً على سوريا. كانت دمشق وحلب جزءاً من المملكة العظيمة في عهد تيغران الكبير. ولكن في فترات أخرى من التاريخ كانت لدينا علاقات وتبادلات قوية للغاية. كان لدينا أيضاً تاريخ حزين نتيجة لما فعله الأتراك وتركيا بالأرمن أثناء الإبادة الجماعية، وأيضاً قبل الإبادة الجماعية وحتى بعد الإبادة الجماعية، وأيضاً نتيجة لما فعلته تركيا بسوريا. وبالتالي، لدينا آلام مشتركة، وتاريخ مشترك، وتطلعات مشتركة لمستقبل أفضل لمنطقتنا وشعوبنا.

– السيد السفير، كما تعلمون، تواجه أرمينيا حالياً تحديات. ونتيجة للهجوم الأذربيجاني، تم تهجير أكثر من 100 ألف أرمني قسراً من ناغورنو كاراباخ إلى أرمينيا. لقد تم انتهاك سلامة أراضي أرمينيا. تسعى أرمينيا جاهدة من أجل السلام، ولكن، كما تعلمون، لقد مر وقت طويل منذ فشلوا في التوصل إلى معاهدة سلام مع أذربيجان. لذا، كشخص مطلع على الدبلوماسية السورية، ما هو الدور الذي تعتقدون أن سوريا يمكن أن تلعبه في هذا الصدد، وما هو موقف سوريا بشكل عام من هذه القضية؟

– أولاً، تدعم سوريا الموقف الأرمني بشكل كامل بشأن قضية ناغورنو كاراباخ. كما تعلمون، فقد اعترفت سوريا رسمياً بالإبادة الجماعية الأرمنية. أصدر برلماننا قراراً يعترف ويقبل حقيقة الإبادة الجماعية ضد الشعب الأرمني. ولهذا السبب فإننا نشعر بحساسية خاصة عندما نرى أي تطور اليوم يسبب الألم للشعب الأرمني ويتسبب في هجرة أخرى من ناغورنو كاراباخ بشكل رئيسي إلى أرمينيا، ولكن أيضاً إلى تشكيل آخر من الشتات في أماكن أخرى. وهذا يقلقنا كثيراً. إننا نتعاطف بشدة مع الأرمن من ناغورنو كاراباخ وندين ما حدث لهم. ويجب أن أعترف بأننا لا نستطيع أن نفعل الكثير للمساعدة في هذه القضية، لأننا نعتقد أنه لولا تدخل تركيا ومساعدتها العسكرية، ما كانت مأساة ناغورنو كاراباخ الجديدة لتحدث. وتفعل تركيا الشيء نفسه مع سوريا اليوم. إنهم يتدخلون ويدعمون الجماعات الإرهابية في سوريا ويحمونها. ولا نزال نعاني حتى اليوم في سوريا بسبب التصرفات التركية.

– وما هو موقف سوريا من انتهاك وحدة أراضي أرمينيا؟

– نحن نؤيد الموقف الأرمني بشكل كامل. ونعتقد أن من حق وواجب الشعب الأرمني أن يحافظ على وحدة أراضيه.

– ماذا يمكن لسورية أن تفعل في هذا الشأن؟

– لا يمكننا سوى تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي، ولا يمكننا أن نذهب إلى أبعد من ذلك. ولكنها مهمة في الاجتماعات الدولية، في الأمم المتحدة، في أي اجتماع إقليمي أو متعدد الجنسيات.

– برأيكم، ما الذي يجب على المجتمع الدولي فعله لمنع حرب جديدة محتملة ضد أرمينيا؟

– أعتقد أنه يجب على المجتمع الدولي استخدام كل الوسائل الممكنة لكبح جماح الطموحات التوسعية لتركيا وأذربيجان تجاه الشعب الأرمني والحد منها.

– السيد السفير، ما هو الدور الذي تلعبه تركيا في المنطقة برأيكم؟

– أنتم تعلمون أكثر مني بدور تركيا فيما يتعلق بأرمينيا في الوقت الحاضر وعلى مر التاريخ. أستطيع أن أقول إن تركيا فعلت الشيء نفسه تقريباً معنا في سوريا. كما فعلت مع قبرص واليونان. وهكذا، كانت تركيا معادية للغاية وخطيرة للغاية على جيرانها.

– تحدثتم عن المجتمع الأرمني في سوريا، ما هو تأثيرهم في سوريا؟ ما هو الدور الذي لعبته أرمينيا في سوريا؟

– المجتمع الأرمني في سوريا معروف بالتميز في كل ما يقوم به. نحن فخورون جداً بوجود مجتمع أرمني كبير في سوريا. إن تأثير المجتمع الأرمني على حياة سوريا أكبر بكثير من العدد الفعلي للأرمن المحليين. لو كنتم في سوريا، لأعتقدتم أن هناك ملايين الأرمن. بالطبع ليس الأمر كذلك، يبدو الأمر كذلك على حساب الجودة. يحظى الأرمن المحليون باحترام وتقدير كبيرين من قبل الشعب السوري.

عندما جاء الأرمن إلى سوريا بعد الإبادة الجماعية، كانوا يعانون من الجوع والفقر ويشعرون بالخوف والضعف. لم يكن لديهم حتى الملابس المناسبة، لقد تعرضوا للاضطهاد. وكان العديد منهم أيتاماً أو أرامل. لقد كانت فترة رهيبة للغاية في حياة الأرمن. وعندما وصلوا إلى سوريا، وتحديداً حلب، عاملهم الناس معاملة حسنة جداً، واستقبلوهم بحفاوة كبيرة، وشاركوهم الماء والخبز. استقر هذا المجتمع الأرمني في وقت قصير جداً، وشعر بالأمان، وبدأ العمل الجاد. لقد أزهروا وازدهروا، ومن ثم أعطوا سوريا أكثر بكثير مما تلقوه منا عند وصولهم. لذلك ننظر إلى هذا ونقول لأنفسنا إنه مهما كان معروفاً صغيراً قدمناه للأرمن، فقد ردوا لنا أكثر بكثير. وكما قلت، نحن فخورون جداً بالوجود الأرمني في سوريا، لأنه يثري حياتنا.

– السيد السفير، على حد علمي، أنتم في أرمينيا لأول مرة. ما هي انطباعاتكم عن بلدنا؟

– عندما وصلت إلى يريفان، أخذتني سعادة السفيرة، التي استقبلتني في المطار، على الفور إلى معهد متحف الإبادة الجماعية الأرمنية قبل الذهاب إلى الفندق الذي أقيم فيه. قضيت ساعتين هناك. شعرت بحزن شديد في قلبي لما رأيته. لكنني شعرت أيضاً بالفخر لأننا كنا مع الأمة الأرمنية في أوقاتها الصعبة. واليوم، تشهد أرمينيا نهضة رائعة. تأثرت بما رأيته هذه الأيام. لقد زرت أيضاً الكرسي الأم لإتشميادزين، وشعرت بمشاعر عظيمة. قلت لنفسي إن هذه الأمة من المفترض أن تستمر إلى الأبد، ولا يمكن لأي دولة أخرى أن تدمر الأرمن، أنتم غير قابلين للتدمير.

– سعادة السفير، هل ترغبون في إضافة أي شيء لمحادثتنا؟

– لا، أود فقط أن أضيف أنه على الرغم من أنني أمثل الحكومة السورية كسفير، إلا أنني أتحدث أيضاً كمواطن سوري، ولا أعبر عن تعليقات ووجهات نظر سياسية فقط. هذه الكلمات تأتي حقاً من قلب سوري.

أجرت المقابلة: آنا غريغوريان

ترجمة: ماري قزانجيان

إظهار المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى