Topسياسة

لو لم يكن الأرمن هل كانت اسطنبول ستصبح اسطنبول؟

إن هذه العبارة ليست من منطلق التعصب المغرور، وإضافة إلى ذلك إن كاتب هذه الأسطر هو المثقف التركي جينكيز تشانتار، الذي اعترف في صحيفة الراديكال الصادرة في اسطنبول قائلاً: يجب أن نبدي الاحترام ونحني رؤوسنا أمام الإسهام الذي قام به الأرمن من الأناضول من آل سينان وحتى آل باليان في عملية تحول اسطنبول إلى اسطنبول الحالية، وكيف حول عامُ 1915 بلادَنا إلى صحراء بسبب القضاء على الأرمن. حاولوا أن تقوموا بزيارة معرض “المعماريون الأرمن في اسطنبول” وتفهمون أنه يجب أن نتخلص من العيش مع الكذب والإفتراء. يجب أن نسيطر على الهدوء الداخلي. وفي هذه الحالة سترون اسطنبول بصورة أخرى وتتصورونها بشكل آخر.
وقال جينكيز تشانتار: إن الأرمن هم الذين بنوا تبليسي، إن الأرمن هم الذين بنوا باكو، إن الأرمن هم الذين بنوا إسطنبول. هذه هي الحقيقة الدامغة التي تبرهنها الآثار الحية الموجودة الآن في كل حدب وصوب. وليس من الممكن على الإطلاق أن يتهرب من هذه الحقيقة لا الأذربيجانيون ولا الجورجيون الذين يحاولون الآن إزالة الأثر الأرمني، ولا الأتراك بالطبع. ومن يوم لآخر يزداد عدد المثقفين الأتراك الذين يطالبون بالوقوف أمام الحقيقة وجهاً لوجه وفتح صفحات التاريخ المغلقة حتى الآن بالنسبة إلينا.
وقد لعب الدور الهام على هذا السبيل برنامج “إعلان اسطنبول عاصمة الثقافة الأوروبية” في عام 2010، وكان بين الإجراءات في هذا المجال معرض “المعماريين الأرمن في اسطنبول”. وبعد اسطنبول وأنقرة تم تنظيم المعرض في أرمينيا بعرض أكثر من مائة صورة لأعمال 40 من المعماريين الأرمن.
وكانت بين منظمي المعرض الذي أُقيم مؤخراً في متحف معهد العمارة في أرمينيا أرملة هرانت دينك السيدة راكيل دينك. وحسب قولها فإن الفن والثقافة تتمكن بأفضل وسيلة من التعبير. ومن وجهة النظر هذه فإن معرض أعمال المعماريين الأرمن في اسطنبول هو نتيجة العمل المشترك وشارك فيه المعماريون الأرمن الحاليون والمعماريون الأتراك.
وحضر افتتاح المعرض المعماري من جامعة اسطنبول حسن كورويازجه الذي قام بإسهام كبير في دراسة إبداع المعماريين الأرمن في اسطنبول وعرض ذلك العمل. وتجول هذا المعماري في أحياء كورتولوش وبانكالت وتاكسيم وجيهانكير وغالاتيا وغيرها ونظر بأعين الاختصاصي إلى المباني وقدم وصفاً لذلك العمل الذي أبدعه المعماريون الأرمن في اسطنبول.
وحسب قوله فإن هذا المعرض المكرس للمعماريين الأرمن الذين لعبوا الدور الكبير في بناء المنشآت الرائعة في اسطنبول في القرنين التاسع عشر والعشرين هو مناسبة لإعادة التذكير بهم ولكي يتذكرهم أقرباؤهم وأهاليهم أيضاً. لقد قام هؤلاء المعماريون الأرمن بنقل تقاليد العمارة الغربية إلى اسطنبول. ومثل المجالات الأخرى تمكن الأرمن من الإسهام في هذا المجال أيضاً بتغيير نمط العمارة التي كان يتم استخدامها قبل ذلك.
إن المعماريين الأرمن في تلك الفترة بنوا الكثير من المساجد والتي تختلف كثيراً من حيث روعتها بالمقارنة مع المساجد التي كانت قد بنيت قبل ذلك. هذا كان سبب قرارنا لعرض الصورة المتبدلة للوجه المعماري لمدينة اسطنبول. وقال المعماري من جامعة اسطنبول حسن كورويازجه إذا أصبح هذا المعرض ولو إسهاماً صغيراً في التفاهم المتبادل بين الشعبين الأرمني والتركي فأنا أعتبر بأني قد قمت بعملي الهام.
وحسب قول مدير متحف العمارة القومي في أرمينيا لقد تم في المتحف منذ عام 1950 إقامة أرشيف المعماريين الأرمن من مختلف بلدان العالم. وقال: خلال عملية جمع تلك المواد الأرشيفية أقمنا تدريجياً الصلات مع ممثلي الجالية الأرمنية في اسطنبول والمنظمات الإجتماعية والاتحادات ومع اتحادات المعماريين في اسطنبول وتركيا. أما عندما تم إعلان اسطنبول عاصمة الثقافة الأوروبية علمنا أن المعماريين الأرمن والأتراك بجهود مشتركة ينوون القيام بمبادرة مماثلة. من الطبيعي أننا كبنية تجمع وتحافظ على ماأبدعه المعماريون الأرمن وجهنا الدعوة إلى المعرض ومنظميه لزيارة أرمينيا. وفي نهاية الأمر بعد اسطنبول وانقرة وصل المعرض إلى يريفان.
لقد تم بواسطة إبداع المعماريين الأرمن بناء كنائس المنقذ المقدس ومريم العذراء في مقر البطريركية ومريم العذراء الثانية والملك المقدس وبولص المقدس وقصري بلييربي ودولماباهتشي ومتاحف محمود الثاني وهاربيه ميكتيبي ومبنى وزارة الدفاع والعديد من المساجد والمستشفيات والقصور ومباني إدارية كثيرة في اسطنبول.

إظهار المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى