كان عيد رأس السنة يُحتفل بشكل كبير في أرمينيا الوثنية. فكان الناس من جميع أنحاء البلاد يتجمعون قرب ضفاف نهر “اراتزان”. وكان يحضر الملك والأمراء والجيش والشعب. ولم يكن الفرح الهدف الرئيسي للعيد وإنما رمز وحدة الشعب.
السنة هي حد الزمن، ويُحتفل بهذا العيد كبداية للسنة. وفي الواقع الأرمني يُحتفل بعيد رأس السنة بشكل مميز يتعلق بالوضع الذي تمليه الفترات التاريخية والصفات القومية. ولكن الوحدة هي أساس الاحتفال بالعيد منذ العهد الوثني وقد تعرضت للتغييرات عبر الزمن والآن يتم التأكيد على أهمية وحدة العائلة العمود الفقري للدولة.
إن الجاليات الأرمنية التي تشكلت في مختلف دول العالم تتميز بثقافة مميزة تنفرد بها الدول التي استضافتهم والاحتفال بعيد رأس السنة يشكل جزءاً من تلك الثقافة. فالأرمن في المهجر أيضاً يستعدون بشكل نشط للاحتفال بعيد رأس السنة. يحتفل الأرمن في الدول الاسلامية بعيد رأس السنة في سياق عيد ميلاد المسيح، أي أن التأكيد يكون على عيد الميلاد المجيد. ويفسر هذا بالتأثير الكبير للكنيسة على الجاليات الأرمنية وخصوصاً في الدول الاسلامية.
في بيروت مثلاً يكون الاحتفال كبيراً وفخماً كما في الوطن. وتروي طالبة في أرمينيا اسمها ميغريك إنهم يحتفلون بعيد رأس السنة في البيت مع الأقرباء. والملفت أن الزيارات المتبادلة للأرمن تجري في الأصل قبل عيد الميلاد المجيد، أما في السادس من كانون الثاني يناير فيشاركون في القداس. وفي أيام العيد فإن المأكولات في بيروت تكون نباتية الأصل ويتم تقديم النبيذ والمكسرات للضيوف.
أما في مصر فالاحتفالات بعيد السنة الجديدة تبدأ بمعرض تنظمه الجالية، وتكون الموائد كثيرة ووفيرة، وتقوم نساء النادي الأرمني بتحضير مختلف المأكولات. ويتم بيع المأكولات الأرمنية التقليدية. وفي المساء يقوم بابا نويل بزيارة الأطفال حاملاً الهدايا لهم.
أما في طهران فإن الأرمن يحتفلون بالعيد في نادي “ارارات”، والاحتفال لا يختلف عما هو عليه في أرمينيا باستثناء عدم تبادل الزيارات. ففي الطابق الأول للنادي يحتفل الكبار، أما الشباب فيقيمون احتفالاً في الطابق الثاني حيث تُسمع نغمات موسيقى عصرية.
وقال الأرمني المقيم في تركيا مُراز فيروي عن احتفال أرمن اسطنبول أن الأرمن يتجمعون في بيت أحد الأصدقاء ويحتفلون حتى آخر الليل. وبعد كلمة كاثوليكوس عموم الأرمن وكلمة رئيس جمهورية أرمينيا يلقي الأكبر سناً في البيت بالرمان على أرضية الغرفة وهذا يرمز الى أنه ستأتي السنة بالنجاحات لكل أفراد العائلة. ويقول مُراز: “في الصباح نشارك في القداس ونزور الكبار من الأقرباء الذين لا يستطيعون المشاركة في احتفال يوم أمس. توجد عائلات تزور المقابر. يجب أن تكون المأكولات من أصل نباتي. هناك عادة بفتح الصنبور في البيت لكي يجري الماء ويجلب النجاحات”.