شدد الاجتماع الأخير بين أمين مجلس الأمن في جمهورية أرمينيا أرمين غريغوريان والسفير الإيراني لدى جمهورية أرمينيا مهدي سبحاني مرة أخرى على تعزيز العلاقات الاستراتيجية القائمة بين البلدين. وتم التطرق في هذا الاجتماع أيضاً إلى ثبات الحدود الدولية ودعم إيران في مسائل السلامة الإقليمية لجيرانها. ويشير الخبراء إلى أن موقف إيران في هذا الشأن واضح ولم يتغير، الأمر الذي أدى إلى توتر بين طهران وموسكو، مما ألقى بظلال من الشك على توقيع وثيقة التعاون الاستراتيجي الروسي الإيراني.
وفي اللقاء مع سفير إيران لدى أرمينيا مهدي سبحاني، أكد أمين مجلس الأمن في أرمينيا أرمين غريغوريان أن أرمينيا تقدر عالياً دعم إيران للحفاظ على سلامة أراضي أرمينيا. ووفقاً للتقرير الرسمي، أكد غريغوريان أيضاً أن “حدود أرمينيا وإيران هي حدود السلام والصداقة والتعايش السلمي. تولي أرمينيا أهمية خاصة للعلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولا يمكن لأي قوة أن تقطع الاتصال الإقليمي بين إيران وأرمينيا.
وشدد أمين مجلس الأمن على أن أي رفع للحصار عن أراضي أرمينيا سيكون تحت سيطرة المؤسسات الداخلية لأرمينيا وسيادتها الوطنية والإقليمية. وهذا الموقف ينسجم تماماً مع التوجه الإيراني الذي يطالب به الجانب الإيراني أيضاً.
في الآونة الأخيرة، أعربت إيران عن موقفها بشأن ثبات الحدود الدولية في كثير من الأحيان على مختلف المستويات. ويشير الخبراء إلى أن موقف إيران من هذه القضية كان دائماً واضحاً: طهران ليست ضد ما يسمى بمشروع “ممر زانغيزور” فحسب، بل تنظر إلى هذه القضية على أنها قضية أمنية للمنطقة.
ويشير علماء إيران الإيرانيون والأرمن على حد سواء إلى أن فكرة “ممر زانغيزور” بالنسبة لإيران ليست مجرد مشروع اقتصادي ومشروع نقل، ولكنها تمثل تحدياً لأمنها القومي ونفوذها الإقليمي.
قال الخبير في الشؤون الإيرانية بويا حسيني: “إيران حاولت التحذير على كل المنصات، وبذلت جهداً كبيراً على منصاتها الدبلوماسية، وحاولت إرسال رسائل من خلال التدريبات العسكرية، وكل السيناريوهات مطروحة على طاولة إيران. وإيران مستعدة لكل السيناريوهات. مثل هذا الممر غير مقبول بالنسبة لإيران ولن يسمح بإنشاء مثل هذا الممر تحت أي ظرف من الظروف”.
وقد صدر بيان آخر عن ذلك من إيران. وأكد عضو لجنة الأمن القومي ببرلمان الإيراني حسن قشقاوي، في حديث لوكالة مهر، أن أي ممر يتم إنشاؤه عبر أراضي سيونيك سيضر باستقرار المنطقة ومبدأ ثبات الحدود.
وأعلن عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني: “إن الاتصال الحدودي المباشر بين أرمينيا له تاريخ يعود إلى عدة آلاف من السنين، ويجب على جميع الدول، بما في ذلك الحكومة الروسية، احترامه. وعلينا جميعاً الاهتمام بالحفاظ على وحدة أراضي الدول والاعتراف بالحدود الدولية. وعلى هذا فإن موقف دولة مثل روسيا من “ممر زانغيزور” يثير استغرابنا الشديد. على أية حال، نأمل أن تحاول روسيا وأذربيجان وتركيا وأرمينيا وجميع الدول اتخاذ إجراءات فعالة في إطار احترام سلامة الأراضي والاستقلال والاعتراف بالحدود الدولية”.
وفي حديث لوكالة تسنيم، تحدث ممثل آخر لمجلس الأمن الإيراني فدا حسين مالكي أيضاً عن موقف روسيا المثير للجدل بشأن “ممر زانغيزور”، وأعرب عن مخاوفه من تبني روسيا سياسة مثيرة للجدل تجاه إيران، داعمة الترويج لما يسمى فكرة “ممر زانغيزور”.
وأضاف المالكي: “أشعر بالأسف لمثل هذه السياسة التي تتبعها روسيا. وتتوقع إيران أن تتجنب موسكو السلوك المتناقض في علاقاتها مع طهران. ستبدي طهران “رداً حاسماً” إذا رأت تهديداً لحدودها”.
ورأى سفير إيران السابق في باكو ضرورة شرح موقف موسكو. وفي مقابلة مع وكالة مهر للأنباء، أكد الخبير في الشؤون السياسية الإيراني والدبلوماسي السابق محسن باكاي على ضرورة توضيح الموقف الروسي، وأضاف أن وسائل الإعلام الغربية تستخدم هذا الموضوع لتقويض العلاقات الروسية الإيرانية.
وقال السفير الإيراني السابق في باكو: “يجب توضيح موقف روسيا بعد زيارة بوتين لأذربيجان. الآن هناك رأي مفاده أنه بعد تصريحات بوتين، سيتم فتح “ممر زانغيزور”، وستتغير حدود إيران على الفور، وستواجه البلاد مشاكل ناشئة في العلاقات مع روسيا وأذربيجان”.
وانطلاقاً من التوتر الملحوظ في العلاقات الروسية الإيرانية في ظل هذه التطورات، يرى بعض الخبراء أن العلاقات الاستراتيجية الروسية الإيرانية أصبحت مشبوهة، وأصبح توقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي موضع شك.
وأشارت الخبيرة في العلاقات الدولية والقضايا الأمنية، والخبيرة في الشؤون الإيرانية سوسي تاتيكيان إلى “أننا نرى تغييراً جذرياً للغاية في هذه الرواية. لقد قالت إيران بلهجة صارمة إلى حد ما إن ما يسمى بـ “ممر زانغيزور” غير مقبول بالنسبة لإيران. هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها مثل هذا التناقض الكبير بين روسيا وإيران. ولأول مرة تكاد تواجه روسيا بمفهوم يسمى “ممر زانغيزور””.
لكن بحسب وسائل إعلام روسية، أكد سفير إيران لدى روسيا كاظم جلالي، أنه على الرغم من بعض التصريحات غير الواضحة، فمن المتوقع التوقيع على اتفاق للتعاون الاستراتيجي بين إيران وروسيا في المستقبل القريب، مما يعزز العلاقات بين البلدين.
“الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيكون الطرف المضيف، كما سيقوم الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان بزيارته الأولى إلى روسيا”.
في الوقت نفسه، لم يستبعد سفير إيران لدى روسيا تأخير التوقيع على الوثيقة، مؤكداً أنه لم يتم اتخاذ أي قرار بعد.