
الصراع الروسي الاوكراني دخل عامها الثاني، وتحاول أوكرانيا شن هجوم مضاد بدعم من الحلفاء الغربيين، سنسمح لأنفسنا برسم أوجه تشابه ومقارنات تاريخية بين روسيا الحالية وبين الدولة العثمانية في عام 1830، من حيث وزنها السياسي الخارجي، والخصائص النوعية للإمبراطورية والتغيرات في دورها في المنطقة… حسبما أفاد رادار أرمينيا.
احتاجت تركيا العثمانية إلى حربين في البلقان لتدرك أنها لم تعد قوة إقليمية عظمى.. استطاعت شعوب البلقان واليونان والصرب وغيرهم، من خلال حروب دامية لا يمكن التوفيق بينها، أن “تفهم” تركيا العثمانية أنها لم تعد القوة الإقليمية المهيمنة السابقة، وأنهم قادرون بالفعل على إقامة دولة مستقلة، والإمبراطورية العثمانية لم تعد تُبقيهم مستعمَرين فحسب، بل تُملي عليهم أيضاً طريقة عيشهم.
علاوة على ذلك، ساعدت روسيا القيصرية شعوب البلقان بكل الموارد الممكنة، التي كانت مهتمة، بناءً على مصالحها الإقليمية، في إضعاف الإمبراطورية العثمانية، وإثبات وجودها في البلقان، ومن أجل ذلك أشادت بالبلاد نضال تحرير شعوب البلقان، ويجب أن نتذكر أنه في المرحلة المذكورة، كانت روسيا، باعتبارها إمبراطورية مثل الإمبراطورية العثمانية أكثر تقدماً بكثير من العثمانيين من حيث التكنولوجيا والبيروقراطية الإدارية.
لكن القرار الإقليمي لم يكن ثنائياً، لعبت بريطانيا وفرنسا أيضاً دوراً نشطاً في المنطقة، حيث قبلتا أن تصبح البلقان مستقلة، وأن تغادر تركيا تلك المنطقة، لكنهما أيضاً لم يسمحا لتركيا بالوقوع في الاعتماد على روسيا والتنازل عن أراضيها السابقة لها.
وبالمثل، إذا وضعنا أوجه تشابه، فإن روسيا اليوم لا يمكنها أن تتصالح مع خسارة إمبرياليتها، وخسارة أوروبا الشرقية وأوكرانيا، وتذهب إلى الحرب، في محاولة فعلية لتغيير الحكومة في أوكرانيا وإعادتها إلى مجال نفوذها…
ويجب على روسيا التخلي عن طموحاتها الأوكرانية. لآن كانت المشكلة الرئيسية للحلفاء هي احتواء الإمبراطورية الروسية من خلال إعادة تشكيل تركيا. وبهذا الشكل، تحالف مؤسس تركيا الحديثة، كمال أتاتورك، مع بريطانيا وفرنسا ضد روسيا.. وبالمثل، فإن هدف الغرب هو إبقاء روسيا خارج دائرة نفوذ الصين وعدم جعلها تابعة لها، لذلك يتم وضع كل الموارد الممكنة لهزيمة روسيا، ولا يُسمح لأوكرانيا بنقل العمليات العسكرية إلى الأراضي الروسية. وبهذه الطريقة، يُترك المجال لموسكو الخاسرة للحفاظ على ذاتيتها وعدم الاعتماد على الصين.