Topسياسة

فيما يتعلق بمحطة الطاقة النووية الأرمنية، فقد نشط الجانب التركي مرة أخرى

بحسب “أرمنبريس”، في العقود الثلاثة الماضية، لم تفوت تركيا وأذربيجان أي فرصة، وقد عبرتا بانتظام من منصات واجتماعات دولية أن محطة الطاقة النووية الأرمنية خطيرة وأنه من الضروري إغلاقها. لم تنجح هاتان الدولتان التركيتان، لأن الطاقة الذرية هي المجال الذي تحتل فيه التقييمات التقنية مكانة أولى. بالطبع، هذا لا يعني التقليل من قيمة التقييمات السياسية، ولكن في تلك السنوات، كانت أرمينيا في وضع مختلف، مع “صوت” مختلف وتمكنت من تحييد الصوت التركي، جنباً إلى جنب مع التقييمات الفنية المهنية الدولية المتعلقة بمحطة الطاقة النووية الأرمنية. لا تتوقف تركيا وأذربيجان عن تصريحاتهما السياسية حتى اليوم، والتي لها الآن أساس اقتصادي وسياسي. بعبارة أخرى، يتم بناء محطة للطاقة النووية في تركيا، ولديها استراتيجية جادة لتصدير الطاقة، وبالطبع، من المفيد لذلك البلد عدم امتلاك جمهورية أرمينيا محطة للطاقة النووية، ثم اعتمادها لاحقاً على تركيا في هذا الصدد.

في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، نصحنا الاتحاد الأوروبي بإغلاق محطة الطاقة النووية، وأظهرت التجربة أنه عندما ظللنا حازمين في قرارنا بعدم إغلاقها (ثبت من خلال جميع المعايير الفنية والاقتصادية)، كنا الفائزين. خاصة وأن الخبراء قالوا دائماً إن محطات الطاقة النووية تعمل بشكل أنظف من محطات الطاقة الحرارية على سبيل المثال. الآن أعلنت المفوضية الأوروبية أن الطاقة النووية “خضراء” (تمت إزالة الحظر السياسي المتكرر المحتمل). ويبقى علينا أن نكون حازمين ونستمر في تطوير الطاقة النووية، مع أخذها في الاعتبار في سياق استقلال الطاقة في بلدنا وأمنها.

ومن أجل البقاء حازمين، يجب ألا نتجاهل أي تصريح تركي بخصوص محطة الطاقة النووية الأرمنية، حتى لو كان غبياً. قال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في استقباله مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إن “المحطة تشكل تهديداً نووياً كبيراً لأذربيجان وتركيا وأرمينيا والمنطقة بأسرها، وتعمل بتقنيات قديمة وتعاني من مشاكل فنية جدية”. بطبيعة الحال، لن تذكر الصحافة الأذربيجانية ما قاله غروسي. نحن سنقول ما قاله حتى لا يتحقق هذا الغباء الأذربيجاني فجأة بين جمهورنا. لكن قبل ذلك، دعونا نقتبس بعض الحقائق الضرورية.

نيسان أبريل 2010. إنها الدورة الحادية عشرة لمجلس سلامة الطاقة الذرية في يريفان. أعضاء المجلس هم ممثلو أرمينيا، ألمانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، روسيا، النمسا، بريطانيا العظمى، جمهورية التشيك. مع الأخذ في الاعتبار الإهانات التركية، طلبت من رئيس مجلس سلامة الطاقة الذرية أدولف بيركوفر (ألمانيا) التحدث عن حالة محطة الطاقة النووية الخاصة بنا. وأعلن أدولف بيركوفر في حضور الصحفيين: “منذ أن عادت محطة الطاقة النووية الأرمنية للعمل مرة أخرى، تم اتخاذ العديد من الإجراءات الأمنية. نتيجة لذلك، تبدو محطة الطاقة النووية الأرمنية مختلفة تماماً اليوم. ويجب القول أنه يمكن مقارنته تماماً بمحطات الطاقة النووية المماثلة الأخرى في العالم. تولي إدارة أرمينيا والموظفون العاملون في تشغيل محطة الطاقة النووية الكثير من الاهتمام لتشغيل محطة الطاقة النووية وموثوقيتها وأمانها”.

لم تتوقف الإجراءات الأمنية حتى اليوم. كما ينبغي أن يكون أثناء تشغيل محطة الطاقة الننوية، يتم رفع مستوى السلامة بانتظام، ونعم، اليوم، لم تتحدث أي منظمة مهنية دولية أو مجموعة خبراء أو بعثة مراقبة عن خطر الطاقة النووية الأرمنية. علاوة على ذلك، ليس الجانب الروسي، ولا حتى الجانب الأوروبي الذي أراد إغلاق محطة الطاقة النووية الأرمنية، ولا حتى الجانب الأمريكي.

بدأ الخبير ريتشارد روسو، الذي نُشرت مقالاته في ” Foreign Policy Journal”، ذات مرة حملة ضد محطة الطاقة النووية الأرمنية. لقد كان روسو متخصصاً في العلاقات الدولية في الأكاديمية الدبلوماسية الأذربيجانية في باكو. بمعنى آخر، حصل هذا الخبير الغربي على راتب من السلطات الأذربيجانية. باختصار، هذا ما يسمى عامل النفوذ الأذربيجاني.

على أي حال، دعونا نأتي إلى أيامنا هذه. في 4 تشرين الأول أكتوبر 2022، قام وفد برئاسة مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بزيارة محطة الطاقة النووية الأرمنية. نعم، هو نفس غروسي الذي أخبره علييف عن الخطر المزعوم لمحطة الطاقة النووية الأرمنية. كان غروسي قد أشار إلى أنه منذ زيارته السابقة، تم تنفيذ أعمال متعددة الأوجه واسعة النطاق في المحطة، والتي ستضمن بالتأكيد التشغيل الآمن والموثوق للمحطة في المستقبل. وقال غروسي: “اليوم، أتيحت لي الفرصة لأرى بعيني العمل الهائل الذي تم تنفيذه في محطة الطاقة النووية الأرمنية في ميتسامور، وأنا مقتنع بأنكم تستحقون حقاً الدعم المقدم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. استمروا في العمل بنفس الروح، وسنبذل قصارى جهدنا لدعمكم”.

وقبل ذلك، في 27-29 أيلول سبتمبر من العام نفسه، شارك الوفد الأرمني في المؤتمر العام السادس والستون للوكالة الدولية للطاقة الذرية. في إطار ذلك المؤتمر، التقى الوفد الأرمني بممثلي الولايات المتحدة المسؤولين عن الاستخدام السلمي والآمن للتكنولوجيا الذرية. وكان الاجتماع فعالاً. في الفترة من 21 إلى 25 شباط فبراير 2022، عقدت بعثة خبراء من الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول موضوع “التقييم الذاتي لثقافة الأمن المادي النووي” في الوكالة الوطنية للطاقة الذرية. كان الغرض من البعثة هو التعرف على نتائج التقييم الذاتي لثقافة الأمن المادي الذي تم إجراؤه في المحطة. وبناءً على النتائج، خلال الاجتماع الأخير الذي عقد في 25 شباط فبراير، أعرب خبراء من الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تقديرهم الكبير للعمل الذي قامت به محطة الطاقة النووية الأرمنية.

زار ممثلو الوكالة الدولية للطاقة الذرية أرمينيا في تشرين الأول أكتوبر 2019. في 29 تشرين الأول أكتوبر، قام ممثلو دائرة الرقابة الداخلية بالوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة محطة الطاقة النووية الأرمنية بغرض تقييم برامج التعاون الفني لتمديد فترة تشغيل المحطة النووية المنفذة في 2012-2018. وشارك في البعثة متخصصون من بريطانيا العظمى وألمانيا.

كان التعاون فعالاً. وصلنا إلى شهر حزيران يونيو عام 2019. في هذا الوقت، أصدر فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسالة مفادها أن “أرمينيا أحرزت تقدماً في تعزيز قاعدتها المعيارية في مجال الأمان النووي والإشعاعي”. جاء ذلك في بيان الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تلخص نتائج للمهمة التي استمرت سبعة أيام. علاوة على ذلك، كانت محطة الطاقة النووية الأرمنية دائماً منفتحة على التعاون الدولي، ونُفذت المهمة بناءً على طلب الحكومة الأرمينية ونظمتها وكالة التنظيم النووي الأرمينية (ANRA). وأشار الفريق إلى أن أرمينيا أحرزت تقدماً منذ عام 2015 من خلال اعتماد استراتيجية لإدارة الوقود المستهلك والنفايات المشعة وتعزيز عمليات التفتيش المتعلقة بالتأهب لحالات الطوارئ والاستجابة لها.

في أيار مايو 2019، عادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أرمينيا مرة أخرى. في ذلك الوقت، لم يكن المدير غروسي، بل كان يوكيا أمانو، الذي كان يزور محطة الطاقة الذرية الأرمنية للمرة الثانية، وكانت المرة الأولى في عام 2012. “تم تنفيذ قدر كبير من العمل في المحطة منذ ذلك الحين بهدف زيادة الأمان وإطالة فترة تشغيل المحطة النووية”. بالمناسبة، نظراً لأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تعترض و “لا ترى مشكلة” في امتلاك جمهورية أرمينيا لمحطة جديدة للطاقة النووية، أثار أمانو سؤالاً بخصوص اختيار موقع بناء محطة الطاقة النووية الجديدة. غادر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محطة الطاقة النووية الأرمنية معرباً عن ارتياحه. بالطبع يمكننا، بالاستمرار في العد، “النزول” حتى نصل لإعادة تشغيل الوحدة الثانية لمحطة الطاقة النووية الأرمنية في عام 1995. بعد ذلك، وحتى اليوم، تعمل محطة الطاقة النووية الأرمنية بتوجيهات دولية متخصصة.

دعونا نعود إلى اجتماع علييف – غروس. كان رد غروسي على خطاب علييف مختصراً (في محادثة مع الصحفيين الأذربيجانيين). “بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية موجودة هناك ونناقش قضايا ضمان معايير السلامة في اتصالات مع شركائنا الأرمن”.

الوكالة الدولية للطاقة الذرية منظمة متخصصة ولن تقول أكثر من ذلك. سنحاول الرد على الأمية المهنية والسياسية للجانب التركي. أولاً، عندما تتحدث أنقرة وأداتها باكو عن خطورة محطة الطاقة النووية الأرمنية، فهذا يعني أنهم يشككون في جميع التقارير والتقارير المهنية والتقنية حول محطة الطاقة النووية الأرمنية خلال هذه العقود الثلاثة. إذن، إذا كانت محطة الطاقة النووية الأرمنية خطرة على المنطقة، فلماذا إذاً هدد الجانب التركي بمهاجمة محطة الطاقة النووية الأرمنية في عام 2020؟ في هذه الحالة، ألن تكون المنطقة في خطر؟

دعونا نذكر أنه في تموز يوليو 2020، هدد ممثل وزارة الدفاع الأذربيجانية بأن أذربيجان ستشن هجوماً صاروخياً على محطة الطاقة النووية الأرمنية. وقد أعلن رئيس الخدمة الصحفية بوزارة الدفاع الأذربيجانية فاغيف دارغيخلي: “على الجانب الأرمني ألا ينسى أن أحدث أنظمة الصواريخ في ترسانة الجيش الأذربيجاني تسمح بضرب محطة ميتسامور للطاقة النووية بدقة عالية، مما سيؤدي إلى كارثة كبيرة لأرمينيا”.

أي، وفقاً للمنطق التركي، إذا تم تنفيذ هجوم صاروخي، فإن الكارثة ستكون لأرمينيا فقط، ولكن إذا كانت محطة الطاقة النووية الأرمنية تعمل بشكل طبيعي، فإن الخطر على المنطقة بأكملها.

بالمناسبة، تم إبلاغ غروس بالبيان الأذربيجاني في ذلك الوقت. أعرب الجانب الأرمني عن قلقه إزاء تهديد وزارة الدفاع الأذربيجانية بشن هجوم صاروخي على محطة ميتسامور للطاقة النووية، مشيراً إلى أن مثل هذه التصريحات تنتهك ببساطة جميع قواعد القانون الإنساني الدولي، وتشكل تحدياً خطيراً ليس لأرمينيا فحسب، ولكن أيضاً لأمن واستقرار المنطقة بأسرها. أكد الجانب الأرمني أن البيان المستنكر لأذربيجان بشأن استهداف محطة الطاقة النووية ليس أكثر من مظهر علني للإرهاب.

من جانبنا، دعونا نضيف أن قيام الجانب التركي بإعطاء معلومات خاطئة بانتظام عن محطة الطاقة النووية الأرمنية إلى المجتمع الدولي يعد أيضاً مظهراً واضحاً للإرهاب، لأنه يسعى إلى هدف واحد: حرمان أرمينيا من آفاق تطوير الطاقة النووية وأمن الطاقة. لذلك لا ينبغي للجانب الأرمني أن يتجاهل أي تصريح من الجانب التركي في هذا الصدد سواء كان ذلك من قبيل الغباء أو الافتراء أو مجرد الكلام.

أرمينوهي ميلكونيان

ترجمة: ماري قزانجيان

إظهار المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى