
بحسب “الجزيرة”، تكمل الحرب الروسية على أوكرانيا أسبوعها الثاني، ويمتد تأثيرها ليشمل مساحات جديدة في السياسية والاقتصاد على الصعيد العالمي، مع تزايد المخاوف من أن يطول أمدها، وكلما زادت حدة المعارك على الأرض الأوكرانية، تزداد شدة العقوبات الغربية على روسيا.
في هذا الحوار الذي أجرته الجزيرة نت، يكشف أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد البروفيسور ريتشارد كابلان عن توقعاته لأمد المعارك، وتصوره للتأثير الاقتصاد والسياسي لهذه الحرب سواء على روسيا أو العالم.
في البداية، يشير كابلان إلى إن الروس لم يكونوا يريدون حربا طويلة تمتد لأسابيع وربما لأشهر، لكن وجدوا أن الذي يتحكم في الوقت هو ما يحدث على الأرض، ويبدو واضحا أن هناك مقاومة أوكرانية قوية وتتحرك وفق أهداف واضحة، مشيرا إلى أن صمود المقاومة لمدة أسبوعين أمر لافت وعامل مهم سيحدد مصير المعارك في الأيام المقبلة، وهو ما سيطيل أمد هذه الحرب، بالإضافة إلى الموقف الغربي غير المتوقع من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويتحدث البروفيسور البريطاني عن التصور الذي يحمله الرئيس بوتين عن الغرب عموما وعن الولايات المتحدة خصوصا، وهو التصور الذي كان من بين الأسباب التي دفعته لخوض هذه الحرب.
ويقول هناك مخاوف لدى بوتين من “العدوى” من وجود بلد ديمقراطي وحر، وقريب من الاتحاد الأوروبي، هذا كله يمكن أن يخلق تطلعا لدى الروسيين لنظام مماثل، كما أن لديه الرغبة على المستوى الداخلي في تعزيز مكانته بوصفه حاكما وحيدا وفعليا وقويا للبلاد.
ويضيف أن بوتين أراد تجاوز الغرب وإظهار قوة روسيا العسكرية وتفوقها، “ولا نغفل أن المشروع الذي يعمل عليه بوتين هو إعادة بناء روسيا بوصفها قوة عظمى سواء في محيطها أو عالميا”.
لكن الخبير البريطاني يستدرك بقوله إنه من الصعب الجزم بما يفكر به بوتين، لكن يمكن التخمين أن الهدف الرئيسي له هو تعزيز أمن روسيا من خلال تحييد أوكرانيا، وضمان عدم انضمامها للحلف الغربي، والحصول على تعهدات نهائية من حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) بعدم ضم أوكرانيا.
ويشير إلى أنه تمت المبالغة بإمكانية انضمام أوكرانيا للناتو، لأن هذا الملف لم يكن قريب التحقيق وإنما كانت مسألة على المدى البعيد وكانت مستبعدة أيضا.
ويقول إنه لأول مرة في تاريخه، يقوم الاتحاد الأوروبي باستعمال ميزانيته من أجل توفير دعم عسكري لدولة تتعرض للهجوم، كما أن ألمانيا قامت بتغيير تاريخي في سياستها التي كانت قائمة على عدم إرسال أسلحة لمناطق النزاع والرفع من إنفاقها العسكري.
أما العقوبات التي فرضتها هذه الدول على روسيا، فهي الأقوى والأقسى من أي عقوبات عرفها العالم على دولة واحدة منذ عقود وربما هي عقوبات غير مسبوقة إطلاقا.
وعن نجاعة العقوبات الاقتصادية، فهو يرى أن العقوبات التي فرضت ضربت الاقتصاد الروسي وبقوة، رغم أننا في الأيام الأولى لتطبيق هذه العقوبات، وستظهر المزيد من آثارها المدمرة في الأيام المقبلة، خصوصا وأن الغرب ما زال يفرض المزيد من العقوبات، ومن أهمها مقاطعة النفط الروسي.
لكن العامل الحاسم في تحقيق هذه العقوبات لأهدافها، هو عندما سيتضرر حلفاء بوتين الأقوياء في الداخل منها، حينها سوف يضغطون وبشدة على بوتين للتراجع وإيقاف حملته العسكرية، وهذا ما سيظهر في الأسابيع المقبلة.
يرى كابلان أن بوتين توقع رد فعل قوي من الأوروبيين ومن الولايات المتحدة ودول أخرى، وهذا ما دفعه لاتخاذ عدد من الإجراءات بما فيها تعزيز الاحتياطي الخارجي من العملة الصعبة ومن الذهب، للتخفيف على الاقتصاد الروسي في مواجهة العقوبات.
لكن في المقابل، لم يتوقع بوتين أن تصل العقوبات الأوروبية لهذه القوة، وأن تكون بشكل موحد بين الأوروبيين والأميركيين بدون انقسامات كبيرة.