روبين ماموليان
إن المخرج العالمي روبين ماموليان هو في مصاف الأرمن المشهورين في العالم. عند السير في أحد الشوارع المركزية في تبليسي فإن الناس الذين لهم قوة ملاحظة سيرون المبنى الأبيض الذي كتب على واجهته بأحرف روسية كبيرة “ماموليان”. إن المخرج السينمائي الأرمني المولود في تبليسي روبين ماموليان هو مخرج أول فيلم ملون. وهو ينحدر من عائلة ثرية واستقراطية من تبليسي.
لا يعلمون كثيراً في أرمينيا عن روبين ماموليان بقدر ما يعلمون عنه في هوليوود. وهو يدخل في مصاف المخرجين الكلاسيكيين في هوليوود. إنه من المبتكرين في عالم السينما وتستخدم حيله السينمائية حتى اليوم.
لقد نشأ روبين ماموليان وكبر في تبليسي ومن ثم تلقى تعليمه في موسكو. والده زاكار ماموليان كان مدير مصرف في تبليسي ويحلم بأن يصبح ابنه مهندساً، إلا أن الفتى روبين سار في طريق والدته التي كانت ممثلة في مسرح تبليسي الأرمني وإسمها فرجينه.
لقد كانت لابن العائلة الثرية إمكانية لتلقي التعليم في أي دولة يرغب فيها. بعد العودة من موسكو الى تبليسي أنشا روبين استوديو للدراما، ولكن بعد عامين توجه الى لندن حيث درس الدراما في الجامعة وقدم مسرحيته الأولى في العام 1922.
طريق الى أميركا
إن العام 1923 كان مصيرياً بالنسبة لروبين ماموليان فقد تلقى دعوتين الأولى من مدير مسرح حقول الأليزيه في باريس جاك ابرتو والثانية من المكتشف الأميركي البارز صانع كاميرا “كوداك” جوج إستمان. اختار ماموليان أميركا. في مسرح إستمان في روتشيستير أخرج مسرحيات على مدة ثلاثة أعوام. في تلك الفترة بدأ المخرج بالتدريس أيضاً. إن ماموليان، حسب عدد من المصادر وخصوصاً ممثلي المسارح الأميركية، كان صاحب أسلوب مميز.
مصنع الأحلام
نتيجة سمعته المتنامية في عالم المسرح إقترحوا على ماموليان توقيع عقد لمدة سبعة أعوام في عالم السينما في هوليوود. بعد إطلاعه على آلية صنع الأفلام لمدة خمسة أسابيع كان مستعداً للقيام بالتصوير. إن مؤسسة السينما “باراماونت بيكتشرس” تحتفظ بتقينة وأرشيف ماموليان منذ عشرينات القرن الماضي.
إن أول أفلامه التي أخرجها لنفس المؤسسة دخلت في مصاف الأفلام المهمة. في فيلم “التصفيق” استخدمت لأول مرة الموسيقى (العام 1929). وقد ألحق ماموليان كاميرا التصوير بعجلات لتحريكها بسهولة. وكان أول من استخدم كاميرتان لتكثير عدد الزوايا المحتملة. وكان فيلمه “دكتور جيكل أند مستر هايل” المرعب (العام 1932) في مصاف الأفلام في فترة التجربة.
الفيلم الأول في المهرجان السينمائي الأول
إن مهجران البندقية هو أول مهرجان للأفلام السينمائية إنطلقت أعماله في العام 1935. وقد بدأ المهرجان بفيلم روبين ماموليان “بيكي شارب” الذي تم تصويره في العام نفسه وحاز على جائزة بسبب حلوله المتعلقة بالألوان. في هذا الفيلم إكتسب اللون لأول مرة تعبيراً للقضايا الدرامية والنفسية. وقال ماموليان في مناسبة ما “إن السينما هي فن الصورة وليس الكلمات…”.
إن ألوان أفلامة كانت ثرية وكان الرسامان الإسبانيان غروكيه وغويا مصدراً لإلهامه. إعتبر ماموليان اللون الأحمر الأكثر إثارة وانفعالية.
لقد أخرج روبين ماموليان عروضاً عدة قبل دخوله عالم هوليوود. خلال 29 عاماً من عمله أخرج ماموليان 16 فيلماً. كان من محرري السينما وأنشأ إيقاعاً مميزاً وأسلوباً شعرياً عن طريق الحِيل والصوت والصورة. وليس من قبيل الصدفة أن ماموليان حاز في العام 1982 على جائزة “غريفيت” للمخرجين الأميركيين لقاء مساهمته الكبيرة في السينما. كانت من أفلامه البارزة “التصفيق” (1929)، “دكتور جيكل أند مستر هايل” (1932)، “الملكة كريستينا” (1933).
توفي المخرج العالمي في لوس انجليس في 4 ديسمبر كانون الأول من العام 1978 في عزلة وظروف سيئة.
لم يخف أبداً أصله الأرمني ومنذ الأعوام الأولى لوجوده في الولايات المتحدة اقترحوا عليه تغيير لقبه، إلا أنه رفض ذلك. لم يتمكن روبين ماموليان الذي عاش في أيام طفولته في جو خلقه ناشطو الثقافة الأرمن في تبليسي من أصدقاء والديه خيانة أصوله الأرمنية. سوندوكيان، شيرفانازاده، آبليان، بابازيان، زاريفيان هؤلاء كانوا الأصدقاء المقربين لعائلة ماموليان. بالطبع أن أحاديث الكبار قد انطبعت لديه وخلقت إدراكاً قومياً. في مناسبة ما عندما أعربوا عن الشكر له لعدم تغيير لقبه، استغرب ماموليان وقال “لماذا، إنه أمر طبيعي، كان من غير الطبيعي إنْ قمت بتغيير لقبي”.
كما تتذكر تزاغيك غيورجيان الإمراة الشابة التي كانت صديقة روبين ماموليان والى جانبه في الأعوام الخمسة الأخيرة من حياته فإنه قبل أيام من وفاته بدأ فجاه بالتكلم بالأرمنية. قبل وفاته قام بحركات غريبة بيديه. وعن سؤال، ماذا يفعل، أجاب “إنني أقوم بخياطة اللحِاف مع جدتي”.
دُفن ماموليان في لوس انجليس. جرت مراسم الوداع في كنيسة أرمنية. قام سبعة كهنة وثلاثة رؤساء للأبرشيات بمراسم التشييع. كان قد اجتمع أكثر من 600 شخص في الكنيسة لوداع ماموليان.