باراجانوف هو الرجل الذي أوصل الفيلم الأرمني الى مستوى إنساني. وفي بعض الأحيان لا يستطيع الناس تقييم فنه لذا فإنهم يقولون “شاهدوا أفلامه”. إن الابطال في أفلام باراجانوف لا يتكلمون فالمشهد هو الذي يتكلم. لذوق باراجانوف مكان خاص في التاريخ الانساني. قبل أن يكون مخرجاً سينمائياً عالمياً وصانع كولاجات ورساماً معروفاً فإنه يملي الذوق الرفيع في مختلف الفنون. وكان هذا الفنان الكبير مثيراً للاهتمام حتى في اختيار أبطال أفلامه. فالأبطال الرئيسيون في أفلامه لا يتغيرون تقريباً فالممثلة من الأصل الجورجي صوفيكو جياوريلي كانت ممثلة محبوبة بالنسبة له ومثّلت في جميع أفلامه. وكانوا يصفون الفنان الكبير في القرن العشرين سيرغي باراجانوف “إنه رجل ولد في تبليسي وقضى فترة في السجن الروسي لإطلاقه دعوات قومية اوكرانية”. إن الإرث الذي تركه باراجانوف يحتوي على تعددية القوقاز.
ولد سيرغي باراجانوف في 1924 في تبليسي من الأب هوفسيب باراجانوف والأم سيران بيجانوفا. ودرس في قسمي الغناء والكمان في كونسوتوار تبليسي والتحق بكلية الهندسة المدنية التابعة لمعهد السكك الحديدية في تبليسي. وبعد دراسة لمدة ست سنوات تخرج من كلية الإخراج التابعة لمعهد السينوغرافية في الاتحاد السوفيتي. وعمل كمساعد مخرج في استوديو للأفلام ومن ثم في استوديو “هاي فيلم” واستوديو “جورجيا فيلم”.
وكان أول عمل له فيلم “اندرييش” ومن ثم أخرج أفلاماً عديدة. وكان فيلم “ظلال الاسلاف المنسيين” قد حقق له نجاحاً كبيراً ومن ثم فيلم “لون الرمان” الذي كان يحكي عن حياة الشاعر الغنائي الأرمني سايات نوفا. وخلال السنوات الطويلة التي عاشها في تبليسي منعوه من تصوير الأفلام، ولكن في الثمانينات سمحوا له بتصوير فيلم “اسطورة سورام الحصن”. في سنة 1973 توقف عن النشاط الفني وإتهم في اللواطة وألقي به في السجن لمدة خمس سنوات. وعمل مختلف الفنانين من أنحاء العالم على مساعدته لإطلاق سراحه، إلا أنه بعد 4 سنوات في السجن تمكن بمساعدة لوي اراغون الصديق المقرب لسلفادور دالي من الخروج من السجن. ويوجد في يريفان متحف بإسم سيرغي باراجانوف يضم الإرث الغني الذي تركه الفنان.
في السنوات الأخيرة لحياته كان يقوم بتصوير فيلم “الاعتراف” إلا أنه لم يكمله بسبب وفاته. وقد أنهى الفيلم ميكايل فارتانوف وسماه “باراجانوف، الربيع الأخير”.
توفي باراجانوف سنة 1990 في يريفان.
نذكر أن باراجانوف كان يصنع الكولاج أيضاً. وفي سنة 2010 أُنشئ في هوليوود معهد باراجانوف-فارتانوف بهدف دراسة أعمال هذين الفنانيين الكبيرين.
