Topتحليلات

أرمينيا تعود من جديد إلى الشرق الأوسط

نشرت صحيفة أرمنبرس مقالةً تتحدث فيها عن رؤية واستراتيجية أرمينيا في سياستها الخارجية… في أوائل سبتمبر، أصبح معروفاً أن وزارة الشؤون الخارجية لجمهورية أرمينيا قد وضعت واستكملت استراتيجية الشرق الأوسط، والتي تهدف إلى إنشاء منبر للتعاون المتبادل المنفعة، وإطار المصالح الذي سيوفر ويوجه ويعزز مصالح دولة أرمينيا والقومية في المنطقة.

مابين عامي 2010-2012 ونتيجة للربيع العربي وعواقبه تراجع النشاط السياسي لأرمينيا في الشرق الأوسط، وضعف عدد من المجتمعات الأرمنية بشكل كبير، الهدف من الاستراتيجية الجديدة هو ضمان عودة أرمينيا إلى الشرق الأوسط. عملية تستند إلى إعادة تقييم مصالح الدولة القومية في أرمينيا، والوقائع الجديدة في السنوات العشر الماضية، وتقييم ميزان القوى الجديد.

ومن الجدير بالذكر أنه في سياق هذه التغييرات الاستراتيجية، تم أيضاً إعادة تقييم دور أرمينيا في المنطقة، وخلال الشهر الماضي صدرت إعلانات على مستويات مختلفة كانت في الواقع تعبيراً عن هذا التصور الجديد.

تم إطلاق إستراتيجية أرمينيا الجديدة للشرق الأوسط في الفترة من 12 إلى 15 سبتمبر بزيارة رسمية للوفد برئاسة وزير خارجية جمهورية أرمينيا زوهراب مناتساكانيان إلى جمهورية مصر العربية. اختيار مصر لم يكن مصادفة! مصر كانت أول دولة عربية تعترف باستقلال جمهورية أرمينيا وتستضيف أول بعثة دبلوماسية لأرمينيا في الشرق الأوسط.

بالإضافة إلى ذلك، مصر لها دور هام في الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم العربي، وكذلك في العالم الإسلامي “مصر هي أيضاً موطن لمقر عدد من المنظمات الإقليمية”… علاوة على ذلك، فإن الجالية الأرمنية التي يبلغ تعدادها أكثر من 10000 شخص تعتبر العلاقات التاريخية والتقليدية مع الشعب المصري عوامل مواتية لتنمية العلاقات الثنائية.

مزيج هذه العوامل هو التفسير الرئيسي لإطلاق تفعيل سياسة أرمينيا في الشرق الأوسط في مصر، علاوة على ذلك، خلال الزيارة الرسمية الأولى لوزير خارجية جمهورية أرمينيا إلى المنطقة، يشار إلى أن عملية تفعيل العلاقات الأرمينية المصرية بدأت عام 2018 بتعيين سفراء جدد للبلدين، ومن ثم في عام 2019 خلال اجتماع رئيسي وزراء أرمينيا ومصر في دافوس، وفي يناير 2012، تم التعبير عن الاستعداد الثنائي لتكثيف الحوار والتعاون الاقتصادي. وتندرج الزيارة الرسمية لوزير خارجية جمهورية أرمينيا “في إطار هذه المرحلة من التطور التصاعدي للعلاقات الأرمينية المصرية” بهدف تمهيد الطريق للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى سياسي جديد. وفي إطار الزيارة، أُعلن أنه تم الاتفاق على زيارة الرئيس المصري لأرمينيا، حقيقة أن وزير الخارجية المصري استقبل وزير الخارجية الأرميني يشهد على استعداد الجانب المصري لتطوير العلاقات مع أرمينيا، وهو في حد ذاته بادرة دبلوماسية.

يساهم الدعم الكامل من الجانب الأرميني لرغبة مصر في الانضمام إلى المنطقة الحرة في الاتحاد الاقتصادي الأوروبي في تطوير العلاقات بين الاتحاد الاقتصادي الآوراسيوي والقاهرة. علاوة على ذلك، في الواقع، تحملت أرمينيا مسؤولية التفاوض على اتفاقية تجارة حرة مع مصر نيابة عن الاتحاد الاقتصادي الأوروبي.

كما يساهم الوضع الجيوسياسي في المنطقة في المصلحة المشتركة في تطوير العلاقات الأرمينية المصرية، خلقت تصرفات تركيا في الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​وشمال إفريقيا وجنوب القوقاز تحديات جديدة تتطلب توطيد التعاون والتعاون للتصدي لها.

ويشار إلى أنه في إطار زيارته التقى وزير خارجية جمهورية مصر العربية بالإمام الأعلى للجامع الأزهر الشيخ أحمد محمد الطيب، إن الزيارات المقبلة لوزير خارجية جمهورية أرمينيا إلى مصر وكذلك الزيارات القادمة إلى الإمارات العربية المتحدة ولبنان والعراق والأردن وسوريا، ممكنة تماماً من وجهة نظر عزل أرمينيا عن العالم الإسلامي وإحباط جهود أذربيجان لتسييس الدين في سياق نزاع كاراباخ.

خلال الزيارة إلى مصر، تم التأكيد على اتجاه مهم آخر لاستراتيجية الشرق الأوسط لجمهورية أرمينيا منها “حماية حقوق الأقليات القومية والدينية”. تعمل أرمينيا من خلال منصات دولية مختلفة لحماية حقوق الأقليات الضعيفة وطنياً ولضمان تنوع الأديان من أجل تقوية وتعزيز إمكاناتهم. في هذا الصدد، كان لقاء وزير الخارجية لجمهورية أرمينيا مع رئيس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية البطريرك تافادروس الثاني رمزياً للغاية.

في الختام، يمكننا القول إن إطلاق استراتيجية جمهورية أرمينيا في الشرق الأوسط كان ناجحاً للغاية… أعلنت زيارة وزير خارجية جمهورية أرمينيا لمصر عودة أرمينيا إلى الشرق الأوسط. من ناحية آخرى، أتاح الفرصة للتعبير عن مواقف الجانب الأرميني من التطورات الإقليمية المحتملة، من ناحية أخرى أيضاً، خلق الأسس اللازمة للارتقاء بالعلاقات مع مصر إلى مستوى جديد. إن استمرار تنفيذ مثل هذه السياسة الاستباقية في الشرق الأوسط سيؤدي حتما إلى زيادة دور أرمينيا في المنطقة، وخلق فرص جديدة.

إظهار المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى