Topتحليلات

تركيا تغزو العالم العربي…‏

بذلت السلطات التركية التي تبنت سياسة عثمانية جديدة، جهوداً جادة في السنوات الأخيرة لزيادة تواجدها العسكري ونفوذها في العالم العربي… في بعض الأحيان، من خلال احتلال أراضي سوريا والعراق المجاورتين مباشرة، يظهرون مطالبات إقليمية لهم… علاوة على ذلك، صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن بلاده «تسعى إلى تحويل إدلب لمنطقة آمنة وإنه قد يتم إجراء ترتيبات جديدة وإعادة تمركز القوات التركية والاستخبارات الموجودة في نقاط المراقبة بإدلب… أنقرة التي تبرر جميع الوسائل لأغراضها التوسعية، مع الجماعات الإرهابية، بما في ذلك الداعيشيون والنصرة، دون مراعاة شكاوى وتظلمات دمشق الرسمية…. علاوة على ذلك، من خلال المشاركة في عملية أستانا، فإنه لا يدخر أي جهد لإغلاق الطريق أمام الأكراد للمشاركة في أي عملية تفاوض.

في سوريا، حاولت أنقرة في البداية جلب جماعة الإخوان المسلمين المتطرفة إلى السلطة، لكنها فشلت، ومع ذلك، منذ عام 2015 تتعاون أنقرة مع دولة قطر التي ترعى المنظمات الإرهابية، حيث لجأ فيها قادة الشرق الأوسط المصريين، الذين طُردوا من مصر إلى اللجوء… الظرف الذي أصبح مناسبة لتركيا لزيادة نفوذها في هذا البلد الغني بالطاقة، كان له وجود عسكري أيضاً.

بعد الأزمة الدبلوماسية بين قطر وأربع دول عربية، المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين، في 5 يونيو 2010 أصبحت العلاقات بين الدوحة وأنقرة أقرب… ويشير بعض المعلقين إلى أنه تم إنشاء محور جديد يسعى إلى نشر نفوذها في العالم العربي، وفي الواقع تستغل تركيا إمكانات البلاد الغنية بالطاقة في اختراق العالم العربي، مثل تونس وليبيا وغرب آسيا وأفريقيا…

ثم جاء دور ليبيا … أحدث مغامرات تركيا في العراق حيث تم قصف الجزء الشمالي من وقت لآخر لتدمير مواقع حزب العمال الكردستاني، منتهكة سيادة بغداد… في 2013 تم التوصل إلى اتفاق حول “السلام” بين أردوغان وزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، حيث قام بنزع سلاح المسلحين وإرسالهم إلى العراق، كما ذكرت بغداد مراراً وتكراراً دون إبلاغ أو مناقشة القضية… ومع ذلك، فإن “السلام” لم يدوم طويلاً، واستأنفت أنقرة الأعمال العدائية ضد الأكراد، وهو الأمر الذي ربما كان ضرورياً للتمكن من محاربة المنظمات الكردية المتنامية في سوريا، وقد تقدم حزب العمال الكردستاني، الذي “أرسل” عراقيين الآن إلى العراق للقيام بعمليات واسعة النطاق في شمال العراق بمشاركة القوات البرية والجوية، إلى 193 كيلومتراً في 15 يونيو مع عمل “أجنحة النسر”… في اليوم التالي تمت دعوة السفير التركي في بغداد إلى وزارة الخارجية العراقية، حيث تم تقديم مذكرة احتجاج له، كما انتقد برلمان البلاد بشدة الإجراءات، في الواقع قامت أنقرة، متجاهلة ذلك، وفي 17 يونيو نفذت عمليات واسعة النطاق في شمال العراق، هذه المرة تحت اسم “براثن النمر” ومن ثم تم استدعاء السفير التركي مرة أخرى لوزارة الخارجية العراقية، وتم تقديم مذكرة احتجاج له، وأكد المتحدث باسم القوات المسلحة العراقية أنها لن تسمح بحدوث ذلك مرة أخرى، مشيراً في نفس الوقت إلى أن تركيا سيتم الرد عليها من خلال الدبلوماسية، كما أدانت الإمارات وبرلمان الدول العربية الإجراءات التي اتخذتها تركيا، ورداً على ذلك، أعلنت أنقرة أمس أنها ستنشئ المزيد من القواعد العسكرية في العراق، خلقت الاختلافات الحالية في العالم العربي حتى الآن أرضية خصبة لطموحات تركيا التوسعية.

مؤلفة المقالة: إيما بيكيرانيان

إظهار المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى