
بحسب “lragir.am”، شرع معهد الدراسات الشرقية في الأكاديمية الوطنية للعلوم في أرمينيا ووكالة “أرمنبريس” للأنباء في مشروع جديد يهدف إلى عرض نتائج أبحاث مجتمع الخبراء على عامة الناس. على مر السنين، نظم المعهد العديد من المناقشات العلمية والتحليلية، والتي تم في إطارها مناقشة أهم التطورات في الشرق الأوسط.
الاجتماع الأول مخصص للتطورات الجارية في لبنان. ووفقًا لمدير وكالة “أرمنبريس” أرام أنانيان، فإن الهدف من منصة الخبراء هو خلق نتيجة غير عادية في ظروف الطوارئ. وسلّط مدير معهد الدراسات الشرقية في الأكاديمية الوطنية للعلوم في أرمينيا روبين سافراستيان الضوء على الدعاية الأوسع لدراسات المتخصصين. “تم اختيار الموضوع الأول للنقاش مع الأخذ بعين الاعتبار دور لبنان الهام في الشرق الأوسط واهتمامه بالأحداث اللبنانية في أرمينيا”.
وقالت الباحثة الرئيسية في المعهد ليليت هاروتيونيان: “لبنان هو أحد بلدان الشرق الأوسط الذي مرّ بأزمات سياسية في تاريخه الحديث أكثر من المعتاد. ومن وجهة النظر هذه، تعد الأزمات السياسية عنصراً هاماً في التطور التاريخي للبلاد”. وأشارت هاروتيونيان إلى أن لبنان هو واحد من البلدان القليلة الذي يقوم حكمه السياسي على المبادئ العرقية الدينية، بالأخذ بعين الاعتبار أنه يوجد العديد من المجتمعات العرقية والدينية في هذا البلد.
ويلعب هذا النظام دوراً تنظيمياً معيناً خلال الأزمات السياسية المختلفة، ويحتوي أيضاً على العديد من المخاطر. من بينها حقيقة أن مواقف مختلفة يتم إصلاحها من قبل ممثلي المجتمعات المختلفة. على سبيل المثال، يجب أن يكون رئيس الدولة مسيحياً مارونياً، وأن يكون رئيس الوزراء مسلماً سنياً، وأن يكون رئيس البرلمان شيعياً. ونتيجة لذلك، تم تشكيل نظام “الزعماء” في لبنان، مما يعني أن عائلات الجماعات الدينية المختلفة تشغل نفس المناصب لسنوات طويلة. فمثلاً، يشغل نبيه بري منصب رئيس برلمان البلاد منذ عام 1992.
عنصر آخر مهم للأزمة السياسية في البلاد هو العنصر الاجتماعي والاقتصادي. لبنان من أهم المراكز المالية والمصرفية في الشرق الأوسط. وبالطبع، فإن أي أزمة، سواء داخل البلد أو في المنطقة، تؤثر بشكل مباشر على الحقائق الاجتماعية والاقتصادية للبلد.
العنصر التالي هو العوامل الخارجية. بوجود مجتمعات دينية وعرقية مختلفة، نشرت قوى خارجية مختلفة نفوذها. وتتفاقم المشاكل الداخلية بعوامل خارجية تنعكس بنشاط في الواقع اللبناني.
بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، تم تشكيل كتلتين سياسيتين رئيسيتين: “تحالف 14 آذار”، بقيادة نجل رفيق الحريري، سعد الحريري والموالي للغرب، ويعتمد مالياً على المملكة العربية السعودية. و”تحالف 8 آذار” وتضم هذه القوى “حزب الله” و “حركة أمل”، وهو أكثر تأييداً لإيران. تضم هذه المجموعة أيضاً رئيس لبنان الحالي ميشال عون.
العامل التركي
في الآونة الأخيرة، تدخلت تركيا بنشاط في العمليات السياسية الداخلية للدول العربية، وخاصة في سوريا ومصر. وتدخلت تركيا أيضاً في لبنان، ففي مدينة طرابلس، وهي منطقة سنية، حاولت تركيا استخدام القوة الناعمة من خلال القيام ببعض الأعمال الدعائية من خلال الجماعات السنية. حتى وقت قريب، لم يكن نفوذ تركيا في هذا البلد ملحوظاً، لأن دولاً أخرى تدخلت في الحقائق السياسية اللبنانية. وبدأت تركيا نشاطها في لبنان منذ عام 2006، عندما اندلعت اشتباكات بين حزب الله وإسرائيل في لبنان. ونتيجة لذلك، تم اتخاذ قرار بنشر قوات حفظ السلام تابعة للأمم المتحدة في جنوب البلاد، والتي شملت أيضاً القوات التركية. وأضافت هاروتيونيان: “وفي وقت لاحق، بدأت تركيا تلعب دوراً في السياسة الداخلية اللبنانية باستخدام القوة الناعمة. العامل الخارجي مهم جداً في حالة لبنان، وهكذا، فإن تفعيل العامل التركي مهم لهذا البلد”.
الجالية الأرمنية في لبنان
ليس جديداً أن لبنان مهم لأرمينيا في الشرق الأوسط، والعمليات الجارية في ذلك البلد، وخاصة الأزمات السياسية والاقتصادية وغيرها، لها نتائج مباشرة على الجالية الأرمنية في لبنان.
وبحسب هاروتيونيان، إن التطورات التي تنتظر مواطنينا هي مسألة مؤلمة، لأن “الجاليات الأرمنية في الشرق الأوسط بشكل عام والجالية الأرمنية في لبنان بشكل خاص تعتبر عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية مهمة. لدينا دائماً ممثلين في مجلس النواب اللبناني، وكذلك منهم من يشغل مناصب وزارية. الجالية الأرمنية مكون مهم في النظام الديني، وأية أزمة لها تأثير سلبي على عدد الجالية الأرمنية في لبنان”.
ومتطرقة إلى الوضع الحالي، أشارت هاروتيونيان إلى أن الجالية الأرمنية منظمة جداً في ظروف الوباء، ومنذ الحرب الأهلية الثانية، استمرت في إظهار الحياد الإيجابي.
لدى الجالية الأرمنية عدد من الوزراء في الحكومة المشكلة حديثاً، وتم تكليف فارتينيه اوهانيان بمنصب وزيرة الشباب والرياضة في لبنان. وتجدر الإشارة إلى أنه تضم الحكومة الجديدة 20 حقيبة وزارية يشغلها وزراء مدعومون من أحزاب ممثلة في البرلمان، كما ضمت الحكومة وللمرة الأولى في تاريخ البلاد 6 نساء.
لوسينه مخيتاريان