
من بين العديد من الوثائق التي تؤكد واقع الإبادة الجماعية الأرمنية، مابين عامي 1919-1921 تستحق الذكر بشكل خاص، خاصة في المحاكم العسكرية في اسطنبول… وثائق من محاكمات الأتراك الشباب وترحيل الأرمن إلى تركيا بتهمة ترحيل الأرمن وذبحهم، والتي، وفقاً لخبير الإبادة الجماعية المعروف “فاهاكن تاتريان” هي “الترياق الأكثر فاعلية للرفض التركي”.
بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، كانت البلاد في وضع صعب ومتوتر… استقالت حكومة طلعت باشا، وفرّ سبعة قادة شباب من بينهم طلعت إلى ألمانيا على متن سفينة ألمانية… في تركيا، كانوا ينتظرون بفارغ الصبر مصالحة نهائية مع القوى المنتصرة، والتي كان من المفترض أن تكون صعبة، وكان الحزب الشباب الأتراك في تركيا هو المسؤول عن جلب البلاد إلى مثل هذا الوضع العصيب.
بعد كل ذلك، مابين عامي 1919-1921 تم رفع أكثر من 63 دعوى قضائية بتهمة ترحيل الأرمن وذبحهم في حالة الطوارئ العسكرية في اسطنبول، بما في ذلك أعضاء من حزب الشباب التركي والحكومة.
إن حقيقة محاكمات الشباب الأتراك مهمة في حد ذاتها، حيث أن تركيا، في شخص السلطات آنذاك، اعترفت بأن الأرمن قد ذبحوا وفقاً لخطة الدولة المحددة مسبقاً…. تثبت هذه الدعاوى القضائية أن مذابح الأرمن كانت متعمدة ومخططة من قبل حزب الشباب الأتراك والحكومة، والنية مهمة للغاية في إثبات عمليات الإبادة الجماعية.
وهكذا، على سبيل المثال، في عام 1919 وتنص لائحة اتهام حزب الاتحاد والتقدم وأعضاء الحكومة على أن حزب الشباب التركي والحكومة أصدروا أمراً مفتوحاً بشأن مذبحة الأرمن…. تزعم لائحة الاتهام أن الشباب الأتراك استغلوا الفرصة التي أتاحتها الحرب العالمية الأولى لتنفيذ خططهم السرية لإبادة الأرمن.
ولكن أيضا في تركيا في 1919-1921 لم يتم استعادة العدالة بالكامل من خلال محاكمات الشباب الأتراك، باتباع مثل هذه الدعاوى القضائية، يمكن استنتاج أنه لا ينبغي محاكمة مرتكبي الإبادة الجماعية في محاكم بلادهم.
يجب محاكمة كل جريمة إبادة جماعية في محكمة دولية… ومع ذلك، فإن وثائق هذه الدعاوى القضائية تحتوي على حقائق لا يمكن إنكارها تؤكد واقع الإبادة الجماعية الأرمنية.